راجعه - محمد ضمرة - عن دار الينابيع للنشر والتوزيع اصدر الزميل الشاعر نزيه القسوس ديوانه الاول للاطفال، والذي يحتوي على سبع عشرة قصيدة موزعة على ثمان واربعين صفحة من القطع المتوسط.
والكتابة للاطفال او للفتيان شعرا او نثرا ليست بالامر الهين واليسير، ذلك لان الكاتب يقوم بتقمص الطفل والحلول فيه من خلال طفولته الغابرة وتذكره لمرحلة الطفولة ومحاولة اكتشاف الرغبات الدفينة والمكبوتة وما واجهه من يسر في حفظه او صعوبة انحت به جانبا وتركت بصمات من الهزيمة والانكسار اثناء محاولاته في فهم الشعر والنثر، ولا ينسى الكاتب ابدا المناطق الشفافة في اللغة التي كانت تداعبها النفس وترتوي بها مرددة صورة جميلة او ملحنة صوتا منسابا ليّنا.
اما بالنسبة للمواضيع فلا تقل مكانتها ايضا عند الكاتب باعتباره موصلا رسالة وموحية بعادات او تقاليد او قيم انسانية رفيعة يدعو الى تحقيقها وايجادها في مجتمعه وبين الاجيال الصاعدة.
وعند مراجعة قصائد الديوان نرى ان الشاعر قد ركز على هذه المبادئ تركيزا شموليا وجادا واحاطها بكثير من العناية والدقة في تفاصيلها، وانطلاقا من ايمان الشاعر بعروبته وموقعه الملتزم الداعي الى احياء الامجاد والتراث، فقد قام الشاعر باهداء هذه المجموعة الى اطفال فلسطين واطفال العراق والى الاطفال العرب الذين لم يولدوا بعد والذين ينتظرهم دورهم بالامساك والتشبث بهويتهم والدفاع عن امتهم ومستقبلهم ولو قمنا بتفحص القصائد لوجدنا ان الشاعر قد وازن بين المواضيع من جهة ومن جهة اخرى قدم للطفل ما يناسبه ويناسب ميوله مع التأكيد على الشيء النافع والمطلوب بسلاسة وبدون قصدية مباشرة في احيان كثيرة.
ففي قصيدة هيا نذهب للبرية، نجد الشاعر يبيح اللعب ذي الفوائد سواء في الحرية او المشاهدة الطبيعية الجميلة واكتشاف صور الجمال في البرية من زهور واعشاب وانطلاق.
ثم اعقبها بقصيدة خالد بن الوليد وبيان صفاته واهم اعماله التي خلدته كقائد قام بالفتوحات الاسلامية لنشر الحق والفضيلة وبدون تحيز او مواربة، حيث ان صدق الموضوع والصدق المتأجج في ثنايا القصيدة الموسيقية جعلتها سهلة ومحببة الى النفوس.
ثم عرج الشاعر على بداية العام الدراسي وقد اكثر من الاتكاء على الفعل المضارع في كل بيت من ابيات القصيدة مدللا على الحضور والاستقبال.
وينتقل الشاعر من قصيدة اقرأ وهي دعوة صريحة الى القراءة واهميتها سواء في تاريخ العرب او في باب العلم والادب والاطلاع على كتب الفلسفة وبين في القصيدة اهتمامه بالتاريخ وما صنعه السلف من انتصارات، واعتقد ان اللجوء الى هذا النوع من المواضيع يبني في نفسية الطفل الاعتزاز والكرامة خاصة وان الامة الان تعيش مرحلة من النكوص والرجوع، وبذلك لا بد من ايجاد التوازن في نفسية الطفل، ليدرك ان ما هو قائم حاليا ليس هو الوضع الدائم والمستمر، وان الاحوال متقلبة وربما ستأتي بالاجمل كما كان الماضي في تلك الصورة البهية المشرقة.
ثم ينتقل الشاعر في مجموعته بين مواضيعه المختلفة في تصوير عمان واعطاء الامكنة صورة جميلة تستهوي مخيلة الطفل وتحبب له هذه الاجواء الصافية بجمالها ونموذجها الفريد وهكذا نجد الشاعر في كل قصائده التي اشتملت عليها المجموعة يركب بحورا صافية وبسيطة فتنساب الموسيقى انسيابا وهو حريص على لغته ومفردات قصيدته من الصعب او الناشز، وكذلك في سهولة تراكيب تلك المفردات ومزاوجتها في قالب شعري جميل.
وهذا كله يعطي هذه المجموعة خصوصية جمالية وتضيف الى مكتبة اطفالنا شيئا يستحق حضوره وتقديمه لكل معاني الجمال والخيال الممتع.
ولا شك في نهاية الامر ان الكلمة وما قدمته من قيم وصور جميلة شكلت بديلا عن الصور التي ربما يكون لها اهميتها في كل ما يقدم للاطفال، وما دام الكلام بما يحتويه من جماليات بهذه المكانة، فان الطفل قادر على تلوينه وتحريك صورته ايضا.
«وطني الاجمل» للشاعر نزيه القسوس
12:00 28-6-2005
آخر تعديل :
الثلاثاء